برنامج المعلم

Banner Image

برنامج المعلم

مسار التنقل

سيظل المعلم رمزاً للعطاء والبذل وستظل مكانته كبيرة ومحفوظة في ذاكرتنا ونفوسنا، ونظل ندعمه ونسانده بمختلف السبل
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

ناشر الأصول

لجيل واعد

لجيل واعد

مشروع حضاري وطني توعوي يدعم التعليم، أطلقه الأرشيف و المكتبة الوطنية للمستفيدين من القطاع التعليمي من طلبة مدارس الدولة (القطاع الحكومي والخاص) بجميع مراحلهم الدراسية للاستفادة مما يقدمه الأرشيف و المكتبة الوطنية لهم من الوثائقية والمعلومات التاريخية الوطنية المتاحة -للتعريف بهوية دولة الإمارات وتاريخها وحضارتها، ولتعزيز الهوية الوطنية الإماراتية والسنع والقيم الأخلاقية الأصيلة والمحافظة عليها؛ وذلك عبر وسائل حديثة ومبتكرة.

للتسجيل في الباقات التعليمية: إضغط هنا

أهمية تنظيم الأرشيف الطلابي الخاص وكيفيته

أهمية تنظيم الأرشيف الطلابي الخاص وكيفيته

هل قدمت للتلاميذ يوماً كميةً من أوراق المراجعة وطلبت منهم حفظها في ملف خاص؟ كيف يحفظ الطلبة أوراقهم الدراسية على مدار العام؟ ما أفضل طريقة لحفظ الأوراق وتنظيمها لكي يستخدمها الطلبة لاحقاً؟ كم من الجهد يبذله الطلبة في حفظ أوراقهم وترتيبها؟ وهل هي ثقافة عامة أم أن الحفظ والمحافظة لا تتعدى كونها جهوداً فردية؟

يبدو أن درجة ترتيب الوثائق الرسمية والحفاظ عليها ما يزال أمراً شخصيًّا أكثر منه ثقافة عامة، فلماذا هو كذلك؟

لا يعدو الأمر كونه مسألة توعية بسيطة بالطريقة الصحيحة لحفظ الوثائق الشخصية وضرورة الاعتناء بها. وهناك عدد من الطرق لتوعية الطلبة بثقافة التنظيم والحفظ، ومنها: تنظيم زيارة للأرشيف و المكتبة الوطنية للاستماع إلى محاضرة عن سبل حفظ الوثائق الشخصية بإنشاء أرشيف شخصي منزلي. ويمكن أيضاً للأرشيف و المكتبة الوطنية زيارة المؤسسات التعليمية للمحاضرة وتوعية الطلبة والمدرسين بأهمية الأرشيف الشخصي. إضافة إلى أن الموقع الإلكتروني للأرشيف و المكتبة الوطنية يقدم معلومات ونصائح هامة يمكن عرضها على الطلبة للاستفادة منها في الأرشفة لحفظ الأوراق الدراسية والوثائق المدرسية مثل الشهادات والمراسلات الهامة وغيرها.

يهتم الأرشيف و المكتبة الوطنية اهتماماً كبيراً بنشر التوعية على المستوى الشخصي؛ فإضافة إلى الفائدة العامة المتمثلة في تقليص الخسائر المادية الناتجة عن إضاعة وتلف الوثائق الشخصية فإن هناك فائدة تاريخية؛ إذ إن العديد من أفراد المجتمع يمتلكون وثائق شخصية ذات أهمية كبيرة على المستوى الوطني، ويعدّ حفظها أولوية وطنية قبل أن تكون شخصية. وعليه فإن توعية الطلبة بأهمية الحفظ قد يساهم في إيصال فكرة أهمية حفظ الوثائق إلى كل منزل إماراتي حتى يتسنى للجميع المساهمة في بناء ذاكرة الوطن.

طرائق البـحث العلـمي

طرائق البـحث العلـمي

يُعدّ البحث العلمي تقنية الحضارة المبتكرة لفهم الماضي واستيعاب الحاضر واستشراف المستقبل؛ وذلك ما أكّده سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية، بقوله: "إنّ البحث العلمي هو المحرك الفاعل لتقدم المجتمعات البشرية وتطورها، والدعامة الأساسية للارتقاء بإمكانيات قطاعات الدولة كافّة".
إنّ تدوين البحث العلمي في صورة كتب ومؤلّفات تقتضي من الباحث اكتسابَ قيَم معيّنة، ومهارات دقيقة ومحدّدة في كيفية جَمع المعلومات واستنباطها، وتوظيفها وإثبات مصادرها. وللبحث العلمي خصائص ومناهج وخطوات معيّنة يتوجّب على الباحث الالتزام بها للوصول إلى بحثٍ علمي مستوفٍ شروطه الشكلية والموضوعية، وبيان ذلك فيما يلي:

أولاً: صفات الباحث العلمي

 

الرغبة في موضوع البحث:

تُعدُّ رغبة الباحث في خوض غمار البحث الذي ينوي القيام به عُنصراً رئيساً ومهمّاً في الوصول إلى بحثٍ علميٍّ رصين. فالرغبة الشخصية دائماً من العوامل والدوافع لتحقيق النجاح والتميّز.

الحيادية والموضوعية:

الحيادية هي التزام الباحث عدم الظهور في بحثه وكأنه يدافع عن جهة معينة وينحاز إليها دون أدلّة أو براهين تُثبت ما ذَهَب إليه، أما الموضوعية فهي حرص الباحث على تحكيم العقل والمنطق فيما يكتبه، والاستناد إلى الشواهد والبراهين التي تؤكّد قناعاته واستنتاجاته.

الاعتماد على الحقائق العلمية:

يجب على الباحث الابتعاد عن التأملات والافتراضات الشخصية التي لا تستند إلى حقائق علمية ثابتة، والحرص على أن يكون بحثه مُعزّزاً بالأدلة والبراهين التي تؤكّد ما توَصَل إليه من نتائج، وتُضفي عليها طابع القوة والمصداقية.

الصــبر والمثــابرة:

تعترض الباحثَ مصاعبُ ومشاقّ عدّة عند قيامه بالبحث عن المعلومات المطلوبة والمناسبة؛ ولذلك فعليه أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر في رحلته البحثية؛ لأن وصوله إلى مبتغاه يقتضي منه عزيمةً ماضية، وهمةً عالية، ونفساً وثّابة؛ لتجاوز المعوقات التي قد تعترض سبيله، وإلا كان مصيره الفشل في مهمته البحثية.

التـــــــواضع:

على الباحث أن يتحلّى بفضيلة التواضع، وألا يتلبّسه الغرور والترفّع على الباحثين الذين سبقوه في مجال بحثه، لما قد يصل إليه من نتائج بحثية ذات قيمة علمية مهمة؛ لأن الغرور مطية هلاك الباحث، وسبب من أسباب نفور القُرّاء منه ومن أبحاثه مهما بَلَغَت مصداقيتها العلمية.

الأمانة العلمية:

إنّ أهم صفة أخلاقية يجب أن تنطوي عليها نفس الباحث هي الأمانة العلمية؛ إذْ إنّ نسبة الكلمات والعبارات والأفكار إلى صاحبها - إشارةً أو اقتباساً وتوثيقاً - تُعد من أهم شمائل الباحث وخصاله.

القدرة على إنجاز البحث:

يتعين على الباحث أن يتيقّن من قدرته على خوض غمار البحث العلمي، وأن يكون شغوفاً في التعمّق والاستنباط والاستنتاج أثناء كتابة محاوره المختلفة، كما يقتضي منه أيضاً تأمين متطلباته المالية، للسفر أو اقتناء المصادر والمراجع أو تصويرها، أو شراء الآلات والأدوات اللازمة لإنجازه.

ثانياً: خصائص البحث العلمي

 

وضوح وشمولية عنوان البحث:

يُظهر حُسنُ اختيار عنوان البحث قدرة الباحث على اختزال موضوع بحثه بكلمات محددة ودقيقة وشاملة؛ ما يقتضي التزامه باختيار عنوان مختصر يشمل مجال البحث وموضوعه وظرفه زماناً ومكاناً.

المعلومات والحقائق العلمية الدقيقة:

على الباحث تبنّي أسلوب البحث العلمي القائم على المعرفة الدقيقة، والحقائق العلمية المثبتة؛ لا على فرضيات من خياله واجتهاداته الشخصية. وأن يستند – على امتداد بحثه – إلى البراهين والحجج التي تدعم قناعاته، وما يتوصّل إليه من نتائج وتوصيات.

تخطيط حدود البحث:

مِن أسس البحث العلمي قيام الباحث بتحديد الزمان والمكان اللذين سيكون البحث في إطارهما. ولا يجوز له أن يجعل بحثه مفتوحاً على مجالات جغرافية أو حقب زمنية غير محددة على وجه الدقّة.

الجِـدّة والابتكار:

لا يُقصَد بالجِدّة والابتكار ضرورة أن يكون موضوع البحث فريداً من نوعه ولم يتطرق إليه أحد، وإنّما المقصود هو أن يقوم الباحث بالتطرق لفكرة أساسية ومعروفة لموضوع ما، سواء باستكمال أبحاث سابقة تناولتها، أو بالتعرض لها بصورة أشمل وأوفى، ما يقود إلى إضافة علمية مفيدة للمعرفة الإنسانية تنم عن روح إبداعية، وتنبئ بموهبة بحثية فذّة، وخيال علمي خصب.

التوثيق والإسناد:

على الباحث احترام القواعد المتعارف عليها في استنباط المعلومة وتحقيقها، والحرص على تثبيت المصادر والمراجع التي استعان بها في هوامش صفحات بحثه، بتدوين اسم المؤلف، واسم الكتاب، واسم دار النشر، واسم الدولة أو المدينة التي تقع بها دار النشر، وسنة النشر، ورقم الصفحة. ثم توثيق هذه المصادر والمراجع في قائمة خاصة تظهر في نهاية البحث، وتضُم الكتب والنشرات والمقالات التي رجع إليها، بحيث يكون كل مرجع ذُكِر في القائمة مُستَخْدَماً بصورة فعلية في مَتن البحث، وكل مرجع ذُكِر في متن البحث ظاهراً في القائمة.

الترابط بين أجزاء البحث:

يلتزم الباحث بأن يكون بحثه مُترابطاً ومُنسجماً في أبوابه وفصوله ومباحثه وأجزائه الأخرى؛ وفق أسس علمية وخطوات منهجية؛ بما يجعل كُلّ فكرة فيه تقود إلى الفكرة التي تليها، لا أن يكون مُشتّتاً في مواضيعه ومتنافراً في استنتاجاته وخلاصاته وكأنه أبحاث عدّة في بحثٍ واحد.

ثالثاً: مناهج البحث العلمي

للبحث العلمي مناهج عدّة، نذكر منها:

المنهج الوصفي:

المنهج الوصفي يقوم على أساس تحديد خصائص الظاهرة محل البحث ووصف طبيعتها، ونوعية العلاقة بين متغيراتها، وأسبابها، واتجاهاتها، وما إلى ذلك من جوانب تدور حول سبر أغوارها. ولا يقتصر المنهج الوصفي على جمع البيانات الوصفية لهذه الظاهرة فحسب، وإنما يهدف إلى تحليلها، وتفسير بياناتها للوصول إلى نتائج علمية محددة.

المنهج التاريخي:

يُستفاد من المنهج التاريخي في البحث العلمي وصف ما مضى من وقائع وأحداث وتسجيلها، ودراستها وتحليلها على أسس علمية منهجية ودقيقة؛ بهدف التوصل إلى حقائق جديدة تُسهم في فهم الحاضر واستشراف المستقبل.

المنهج التجريبي:

يعتمد الباحث في المنهج التجريبي على التجربة العلمية في بحثه، ما يتيح له فرصة كبيرة للوصول إلى الحقيقة. ويمكن القول: إن هذا المنهج يُعدّ أكثر مناهج البحث العلمي أهمية؛ لأنه يساعد الإنسان على التطور والارتقاء بالملاحظة والتجريب لتحقيق نتائج صحيحة، ومعرفة طرائق واضحة للتعامل مع الظواهر المختلفة، وتفسيرها تفسيراً علميًّا دقيقاً.

المنهج الفلسفي:

يُعدّ المنهج الفلسفي منهجاً تأملياً عقلياً تحليلياً؛ لأن الباحث فيه يتناول موضوع البحث تناولاً عقلياً، ويستند به إلى تفكيره الذاتي، للوصول إلى الأسباب الأساسية والحقيقية للمشكلة محل البحث.

المنهج الاستقرائي:

الاستقراء كلمة مأخوذة من "قرأ الأمر" أي تَتَبّعه ونظر في حالِه، وهناك من يرى أنها مأخوذة مِن "قرأتُ الشيء" بمعنى جمعته وضممتُ بعضه إلى بعض ليُرى توافقه واختلافه، وكلا الأمرين يأتيان بمعنى "التتّبع" لمعرفة أحوال شيء ما. وفي هذا المنهج يبدأ الباحث بتناول جزئيات بحثه ليصل منها إلى قواعد ومبادئ عامّة، ما يعني أنه استدلال تصاعدي يرتقي به الباحث من الحالات الجزئية إلى الأحكام العامة. ويتحقق الاستقراء بالملاحظة والتجربة وبمختلف تقنيات البحث العلمي المتبعة.

منهج المسح الاجتماعي:

منهج المسح الاجتماعي هو دراسة علمية لظاهرة أو حالة موجودة في جماعة معينة وفي مكان معين. ويُعد هذا المنهج من أهم مناهج البحث العلمي؛ لما يوفّره للباحث من بيانات ومعلومات تتعلّق بالظواهر والأحداث والجماعات ذات الصّلة بموضوع بحثه.

رابعاً: خطوات كتابة البحث العلمي

 

اختيار موضوع البحث:

قد يبدو اختيار موضوع البحث مُهمة شاقة على الباحث، للصعوبات التي يواجهها في انتقائه لأحد الموضوعات المتصلة بتخصصه، أو تعذر معرفته بحقيقة الجدوى من البحث فيه. فإذا وجد الباحث في نفسه ميلاً للبحث في موضوع ما، فعليه أن يختار موضوعاً حيّاً، وأن يتحقق من جدواه ومدى حاجة الدولة والمجتمع إليه. وقدرته على الاستمرار فيه إلى منتهاه.

تحديد مشكلة البحث:

تعد المشكلة البحثية المحورَ الرئيسَ الذي تدور حوله الدراسة، فهي أسئلة وفرضيات في ذهن الباحث بوجود قصور أو ضعف أو غموض في جانب معين يتطلّب استجلاءً لأمره.  وعلى الباحث أن يضع في اعتباره ضرورة أن تكون المشكلة البحثية في نطاق تخصصه الدراسي، وضمن اهتماماته البحثية، وأن تكون محددة وذات قيمة علمية وعملية.

تحديد أهداف البحث:

أهداف البحث العلمي، هي الأغراض التي يسعى الباحث إلى تحقيقها عن طريق البحث والتقصي؛ ولذلك عليه وضع أهداف محددة لبحثه؛ لحصر ما هو ضروري من المواضيع والبيانات والمعلومات اللازمة لتنظيمه في أجزاء محددة وأسلوب واضح.

وضع خطة للبحث

خطة البحث العلمي هي التصوّر المسبق للباحث في كيفية كتابة بحثه. وهي الخريطة شبه التفصيلية التي سيلتزم بها أثناء عملية البحث. وتُعرف أيضاً أنها: البوصلة التي يهتدي بها الباحث في مسيرته البحثية. وبها يمكن الحُكم على جدوى البحث وجدارة الباحث.

إمكانية الحصول على مراجع للبحث:

من أهم المعوقات التي تعترض سبيلَ الباحث في رحلته البحثية هي ندرة المراجع ذات الصّلة ببحثه أو عدم وجودها؛ ولذلك فإنّ عليه التأكّد - عند اختياره لموضوع ما - من وجود المراجع والمعلومات المتعلقة به كسباً للجهد والوقت، والانصراف إلى موضوع آخر أكثر سهولة ويسراً إن تعذّر عليه ذلك.

مَـتْن البحث:

مَتْن البحث هو الأصلُ الذي يُشرَحُ وتضاف إِليه الحواشي، فهو أصل البحث ومحتواه، وفيه تبرز أفكار الباحث وقناعاته وتحليلاته، والإجراءات التي اتبعها، والأسلوب الذي استخدمه، ومبررات اختياره له. ومتن البحث يبدأ بصفحة العنوان وينتهي بقائمة المحتويات.  بما يتضمنه من عناوين رئيسة وفرعية، وخاتمة وتوصيات وملاحق وغيرها.

خاتمة البحث:

تأتي خاتمة البحث العلمي في نهايته، ويجب أن تتضمن بياناً مكثّفاً ومختصراً لنتائج البحث، وما تَبَدّى فيه من رؤى وحقائق في ميدان العلم والمعرفة، وكذا طبيعة التوصيات التي اقترحها الباحث لتسوية الإشكالية الأساسية والإشكاليات الفرعية التي عرضها في متن البحث.

ملاحق البحث:

تحتوي بعض الأبحاث العلمية على ملاحق أو ملحق يتضمن الوثائق الرسمية أو القانونية، أو الصور أو الخرائط التي اعتمد عليها الباحث واستغل مادتها في بحثه؛ فإذا تضمن البحث ملحقاً من هذا النوع فإنه يُعدّ جزءاً منه. وتأتي هذه الملاحق بعد خاتمة البحث وقبل قائمة المراجع.

مراجع البحث:

تُعد قائمة المصادر والمراجع السندَ الأساس الذي تستند إليه عملية التوثيق في البحث العلمي. وهي بلا شك أول ما يطلع عليه القارئ، ولذلك فهي ذات أهمية كبرى في تكوين الانطباع الأول عن الباحث، وإحدى الوسائل التي يتحقق بها القارئ من مدى أمانته العلمية. إن كتابة الهوامش ووضع قائمة بها في نهاية البحث تُعبر عن موضوعية الباحث وحرصه على إبراز جهود الآخرين والاعتراف بدورها في رفد بحثه العلمي.

علم الأنساب

علم الأنساب

النّسب في اللغة صِلة القرابة، وجَمْعه الأنساب. ويسمى عالم الأنساب "نسّابة" أو نساباً، وجَمْعه نسّابون. واهتم العرب والمسلمون منذ القِدَم بهذا العلم؛ لأن القبيلة فيما مضى كانت العنصر الرئيس للنسيج الاجتماعي. قال الله تعالى: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"، ومن هذا المنطلق كانت المعرفة بالأنساب من العلوم المهمة لدى المسلمين لتحقيق المعرفة وتثبيت الأنساب. وكان هذا العلم يزدهر بازدهار الدول، ويخفت إذا ما خفتت الحضارة، وقد بلغ علم الأنساب أوجَه في العصر العباسي. تتبع علماء النسب أنساب البشرية من عهد سيدنا نوح عليه السلام وهذا هو أقدم ما بلغه علم النسب، وتتبّع البعض النسبَ حتى سيدنا إسماعيل عليه السلام، وتتبعت القبائل العربية أنسابها وصولاً إلى أجدادها العدنانية والقحطانية. ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم هو: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. ونسب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان هو: خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح بن هلال بن فلاح بن هلال بن جبلة بن أحمد بن ياس بن عبد الأعلم بن برسم بن الأسعد بن حبيب بن عمرو بن كاهل بن أسلم بن تدول بن تيم اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وهناك طريقتان لتدوين الأنساب، هما: المبسوط، والتشجير. والتشجير واضح من اسمه وهو تدوين النسب على شكل شجرة العائلة. أما المبسوط فهو كما كتب نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في الفقرة السابقة. وفي عصر الجاهلية كان النسب محفوظاً في ذاكرة فرد من أفراد القبيلة يتمتع بمكانة خاصة تشبه مكانة الشاعر وقتئذ. يهتم الأرشيف و المكتبة الوطنية بعلم الأنساب اهتماماً كبيراً؛ إذ توجد فيه وحدة تعنى بعلم الأنساب، وتحتوي مكتبة الإمارات بالأرشيف و المكتبة الوطنية على مجموعة واسعة من الكتب، والمراجع عن علم الأنساب. ومن أشهر مؤلفات علم الأنساب: "نسب معد الكبير" لابن السائب الكلبي، و"أنساب الأشراف" للبلاذري، و"جمهرة أنساب العرب" لابن حزم.

قال الله تعالى: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". ومن منطلق مبدأ المعرفة الذي نصت عليه هذه الآية الكريمة، اهتم العلماء المسلمون منذ القدَم بالأنساب ودراستها. ورغم أن المعرفة بالأنساب كانت إحدى السمات البارزة للعصر الجاهلي، إلا أن الهدف منه في ذلك العصر هو التفاخر بالنسب، وتأكيد الروابط والأحلاف القبلية، وليس التعارف كما نص القرآن الكريم.

كان علم الأنساب كسائر العلوم التي ازدهرت مع ازدهار الدولة الإسلامية، وقَلَّ الاهتمام به حتى اختفائه تماماً في عصر الانحطاط كما يسمى لأن الإنتاج العلمي، والأدبي، والفكري بلغ أدنى مستوياته في تلك الفترة. وفي العصر الحديث عاد علم الأنساب إلى الواجهة مع ازدهار الحركة العلمية والفكرية في الدول العربية والإسلامية. ومن المثير للاهتمام أن الوقت الذي خَفَتَ فيه ضوء علم الأنساب في الدول الإسلامية ازدهر هذا العلم لدى المستشرقين الذين اهتموا بالأنساب العربية والإسلامية بشكل مثير للاهتمام.

ومن أهم النسابة المسلمين أبو العباس القلقشندي الذي قال عن أهمية علم الأنساب: إنه من الأمور المطلوبة والمعارف المندوبة لما يترتب عليه من الأحكام الشرعية، والمعالم الدينية. وفيما يخص الأحكام الشرعية هناك الأمور التي تعنى جداً بعلم الأنساب مثل أحكام الإرث، وأحكام الزواج، وأحكام الوقف خصوصاً إذا ما اختص الوقف أفراداً محددين من العائلة دون الآخرين، إذاً فقد جاءت أهمية المعرفة بالأنساب لضرورة حياتية فرضتها أحكام الشريعة، أو فرضها القانون للفصل في عدة مسائل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم النسب.

ومن أشهر كتب الأنساب القديمة: "نسب معد الكبير" لابن السائب الكلبي، و"الإكليل" لأبي محمد الهمداني، و"جمهرة أنساب العربلابن حزم، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد، و"جماهير القبائل وجذف من نسب قريش" لمؤرج السدوسي. وفي العصر الحديث وعندما انتشرت الطباعة أعادت المطبعة الأميرية بمصر إصدار الكثير من الكتب الكلاسيكية في علم الأنساب مثل: "صبح الأعشى ونهاية الأرب" للقلقشندي، و"قلائد الجمان في التعريف بعرب الزمان" للمقريزي، و"مسالك الأمصار" لابن فضل الله العمري. وقامت جهود مماثلة بعد ذلك في جميع أنحاء العالم العربي تدريجياً حتى عاد العلم إلى المقدمة على رفوف المكتبات.

ومع التطور التكنولوجي طرأ حادث جديد فيما يخص علم الأنساب، أولاً: ظهور علم العلوم الجينية والوراثية التي بها أصبح ممكناً الوصول إلى الأصول الجينية لأي شخص. وثانياُ: انتشار المواقع الإلكترونية للأنساب.

وبالنسبة للأرشيف و المكتبة الوطنية فإن علم الأنساب يعد أحد المجالات التي لا يوفر فيها جهداً للارتقاء به؛ لتكوين شجرة العائلة للأُسَر الحاكمة في الإمارات السبع، بالإضافة إلى أنساب القبائل الإماراتية العريقة.

عملية ترميم الوثائق

عملية ترميم الوثائق

يحدث كثيراً حتى في الدول المتقدمة والدول التي لها باعٌ طويل في علم الأرشفة أن يُهمل حفظ الوثائق، والكتب، والصور، والخرائط التي يكون لها أهمية علمية وتاريخية كبيرة. فحفظ الوثائق التاريخية علمٌ قائم بذاته له متطلباته، ومنهجيّته، وأساليبه التي لابد من السَّير عليها خطوة بخطوة لإطالة عمر الوثيقة لأطول فترة ممكنة. وليس نادراً ما تستدعي الحاجة إلى ترميم كمٍّ هائل من الوثائق التي لم تحظَ بالاهتمام المطلوب أو لم تتوافر لها الظروف المناسبة للحفظ.
مع مرور الوقت يُصاب العديد من الوثائق بالتلف، والضرر، والتآكل بفعل العوامل الطبيعية، أو الكيميائية، وسوء الاستخدام وكثرته، والحوادث مثل الفيضانات والحرائق. وفي كثير من الأحيان لا يتم اكتشاف الضرر أو التلف الذي أصاب الوثيقة إلا بعد أن يكون الضرر قد انتشر انتشاراً بليغاً فيها؛ لأنّ العوامل الحمضية جزء من المواد الكيميائية الموجودة في الورق، والحشرات والقوارض هي عوامل صامتة ويلاحظ تأثيرها أو الضرر التي تسببه بعد فوات الأوان. وقد يتذكر الكثير قصة وفاة سيدنا سليمان عليه السلام الذي لم تُعرَف وفاته حتى نخرت دودة الأرض عصاته. وهكذا الكثير من الوثائق التي لا يعلم عن تلفها حتى تنهار تماماً كالفتات.
إضافة إلى العوامل الصامتة، هناك العوامل المفاجئة: الكوارث الطبيعية والحوادث. ومن الكوارث الطبيعية التي ما زالت عالقة في كثير من أذهان الأرشيفيين هو زلزال أصاب البرتغال في القرن الثامن عشر؛ إذ أصاب أحد مستودعات الوثائق وأتى على جزء كبير من الخرائط التاريخية التي لا تقدر بثمن، ودخلت مياه الفيضانات إلى بهو أحد مقرات الأرشيف و المكتبة الوطنية الفرنسي، ودمرت الآلاف من الوثائق، وتطلب ترميمها بعد ذلك الكثيرَ من الجهد والمال. ومن أمثلة العوامل المفاجئة ما حدث في دار الكتب المصرية؛ إذ تسببت أعمال التخريب الإرهابية في احتراق كمٍّ هائل من الكتب والوثائق المصرية النادرة. وقد تدخل الكثير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوثائق التي احترقت جزئيًّا في أفضل الحالات وذلك لترميمها بأسرع وقت ممكن. ولا زالت تلك الجهود قائمة حتى لحظة كتابة هذا المقال.
يُعد سوء التخزين أكثرَ العوامل ضرراً على الوثائق؛ لأنه لا يمكن فعل أي شيء للوثائق التي كثيراً ما يشاهدها الأرشيفيون وهي تتآكل بسبب غياب الموارد المادية لتحسين ظروف التخزين. فهناك عدد كبير من الأرشيفات في كثير من دول العالم تفتقر مستودعات الوثائق فيها إلى مكيفات الهواء التي تساعد على التحكم في درجة الحرارة ومستوى الرطوبة اللتين تعدان من العوامل الرئيسة في عملية حفظ الوثائق.
أخيراً: سوء الاستخدام وكثرته؛ فهناك عدد من الوثائق التي تتعرض للكثير من الاستخدام على أيدي الجمهور الذي يكون العديد منهم جاهلاً بأساليب التعامل مع الوثيقة، أو قد يتعامل معها دون اهتمام كبير. وفي كثير من الحالات تكون الوثائق القديمة في حالة فيزيائية "ضعيفة"، فقد تكون أكثر هشاشة من الورق الحديث التي تعودت اليد على ملمسه. وكثيراً ما تتفتت أجزاء من الوثيقة بمجرد لمسها، إن لم تكن مغلّفة.
الترميم هو العنصر الأساس في مجال المحافظة على الوثائق والمخطوطات، وبانتهاء عملية التعقيم والمعالجة الكيميائية للوثائق والمخطوطات يبدأ قسم الترميم بترميمها جزئيًّا أو كليًّا، ويعتمد هذا الترميم على حجم الجزء المصاب ومدى الضرر الذي لحق بالوثيقة أو المخطوطة، وتشتمل هذه العملية على إجراء الترميم اللازم من حيث سد الثقوب، وإكمال الأجزاء المفقودة، وتقوية أوراق الصحيفة، كل هذا وغيره من عمليات الترميم الأخرى، ويعد قسم الترميم نموذجاً يُحتذى به عند إنشاء أقسام أخرى للترميم، فهو يعد معملاً متكاملاً من حيث التجهيزات الحديثة والمتطورة في مجال الترميم.

تجهيزات قسم الترميم:

يحتوي القسم على أحدث الطاولات المجهزة بلوحات مضيئة ومفاتيح كهربائية خاصة لعمل الترميم، إضافة
إلى عدد من الأجهزة الأخرى من أهمها:
•    جهاز تقطير المياه: يقوم بتقطير المياه لاستخدامها بعد ذلك في عملية المعالجة وإزالة حموضة الوثائق.
•    جهاز فك الأوراق الملتصقة: يعمل بالبخار، ويقوم بفك الوثائق والمخطوطات المتلاصقة التي يصعب فصل بعضها عن بعض.
•    جهاز كبسولة "مايلر": يستخدم لتغليف الوثائق بعد الانتهاء من الترميم.
•    مكبس حراري: يستخدم لفرد الوثائق، وتجفيفها وكذلك يمكن استخدامه في ترميم بعض الوثائق والمخطوطات.
•    جهاز التنظيف الجاف: يقوم بعملية التنظيف الجاف بشفط الأتربة والغبار الموجود في الوثائق، ويقوم أيضاً بتجفيف الوثائق والمخطوطات بعد معالجتها، وإزالة الحموضة منها ويتميز بسرعته، وهو جهاز تعقيم بالأوزون.
•    الكاوية الحرارية: يستخدم في عملية الترميم اليدوي.
•    جهاز سد الثقوب: يعمل على سد الثقوب الموجودة في الوثيقة حيث يتم عمل عجينة يراعى فيها سماكة الورق ولونه وتوضع بداخل الحوض المخصص مع الماء ثم يسحب الماء بواسطة شبكة تصريف صممت خصيصاً آلياً.
•    جهاز تصفيح الوثائق: يرمِّم الوثائق ترميماً آليًّا؛ إذ يعتمد على تغليف الوثائق بواسطة أوراق مخصصة، ويعد جهاز الترميم الأول في الارشيف و المكتبة الوطنية.
•    مقص ورق: يقص الوثائق حسب حجمها ومقاسها.
•    مقص بولي اثيلين: يستخدم لقص المقاسات المطلوبة من رول البولي إثيلين.
•    مكبس يدوي لكبس الوثائق والمخطوطات.
•    مكبس هيدروليكي حراري: يستخدم في ترميم الوثائق، كما يمكن استخدامه على البارد في كبس الكتب.
•    خزانة شفط الغازات السامة.

أنواع الترميم

  1. عملية فنية ذوقية تعتمد على المهارة اليدوية، وهي عملية تجميع الورق وتثبيته وتقويته، ومن ثم إعادة الوثيقة إلى شكل أقرب إلى أصلها؛ بترميمها وعلاجها من العوامل الطبيعية والكيميائية والبيولوجية. يجب على المرَمِّم أن يكون ذا خلفية علمية في ترميم الوثائق، وملمّاً بالقوانين الدولية لعمليات الترميم، وتشمل عملية الترميم:

    (أ‌) الترميم اليدوي.
    (ب‌) الترميم بالتغليف بالرقائق البلاستيكية أو التصفيح الآلي lamination.
    الترميم اليدوي هو استكمال الأجزاء المفقودة من الوثيقة، واستخدام أوراق متعادلة كيميائيًّا، وفي الوقت نفسه، بنفس درجة سمك ورقة الوثيقة الأصلية، وبنفس درجة اللون إلى حد ما.
    الترميم الآلي مرحلة من مراحل الترميم، وبعدها مرحلة الترميم اليدوي؛ لتجميع واستكمال القصاصات والأجزاء المفقودة من أوراق الوثيقة؛ فنحصل على الشكل النهائي لورقة وثيقة ذات متانة ومرونة وشكل جيّد.
    يجرى هذا الترميم في الوثائق شديدة التلف التي يصعب ترميمها باليد، وبمعنى أدق للوثائق على حافة التدمير والانشقاق؛ لإنقاذها وعدم فقد المحتوى الوثائقي لها، ويُجرى ذلك بحذر شديد؛ لاستخدام الحرارة.

التاريخ الشفاهي

التاريخ الشفاهي

ليس كل التاريخ مكتوباً، وربما يقول البعض إن أكثر التاريخ لم يُدوّن. فلم يدون التاريخ سوى الأحداث التاريخية الرئيسية، أما الأحداث الفرعية فلم تدونها صفحات التاريخ ولكنها حُفظت في ذاكرة الناس. والتاريخ الشفاهي هو عملية جمع وتوثيق الأحداث والأوضاع والروايات التاريخية غير المكتوبة.


وإذا ما عدنا إلى فترة ما قبل الاتحاد وفترة ما قبل النفط، فإننا نعلم أن تدوين التاريخ كان رفاهية لم يكن باستطاعة مجتمع الإمارات تحملها. ففي الفترة التي أعقبت انهيار مهنة الغوص على اللؤلؤ وسبقت قيام الاتحاد، لم تتوفر لشعب الإمارات الموارد البشرية أو الإمكانيات الاقتصادية اللازمة لتدوين التاريخ كتابيًّا أو في الوسائط الإعلامية التي كانت متوفرة في تلك الفترة. وكم يبدو بعيداً جدًّا ذلك العصر الذي سبق قيام الاتحاد؛ ذلك أن التطور الذي أعقب الاتحاد باعد فكريًّا بين الإمارات بالأمس والإمارات اليوم. لقد كانت الوسائل الإعلامية والصحف منتشرة آنذاك في منطقة الخليج العربي والعالم العربي كافة، ولكنها كانت بعيدة كل البعد عن دولة الإمارات. لذلك فتوثيق التاريخ الشفاهي مهم لجميع الدول، ولكن أهميته لدولة الإمارات أكبر بكثير منها لتلك الدول؛ لأن جزءاً غير يسير من تاريخها لم يُدوّن.


وعلى سبيل المثال، يعرف الكثير من أهل الإمارات أن انهيار اقتصاد اللؤلؤ جاء بعد تطوير اللؤلؤ الصناعي الياباني على يد المخترع والتاجر الياباني ميكيموتو كوكيشي (Mikimoto Kokichi). ولكن تلك المعلومة هي كل ما يعرفه معظم الناس عن انهيار مهنة الغوص على اللؤلؤ. وهناك عدد لا بأس به من غير المطلعين على تاريخ الدولة ممن يعتقدون أن اكتشاف النفط هو السبب الرئيسي لانهيار الغوص. وعلى أي حال، فإن خلاصة القول هنا أن المعلومات التاريخية منقوصة بشكل يشبه الصورة المفقودة الأجزاء؛ فأحياناً تستطيع تَعَرُّفَ صورة ما ولو كانت الأجزاء منقوصة، ولكنها مع ذلك صورة غير كاملة. هذا بالتحديد هو الأمر مع التاريخ الشفاهي؛ فالتاريخ الشفاهي يكمل الأجزاء المفقودة من الصورة. وفي أحيانٍ كثيرة يبرز التاريخ الشفاهي صوراً كانت غائبة تماماً عن الانتباه.


ولم يكن انهيار اقتصاد اللؤلؤ حدثاً طارئاً كما يتصور الكثيرون، بل كان تدريجيًّا، مع أن الأحداث توالت بسرعة بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي في الأسواق العالمية. وكان ينظر إلى اللآلئ الصناعية على أنها مقلدة ورخيصة الثمن مقارنة باللآلئ الطبيعية. ولأنه أصبح من الصعب تمييزها عن اللآلئ الطبيعية تأثرت سلباً تجارة اللؤلؤ الطبيعي وحل محله اللؤلؤ الصناعي إلى الأبد. وعند الحديث عن الغوص على اللؤلؤ بالطريقة التي تستعرضها الكتب التاريخية، فإن المرء دائماً يتساءل: ولماذا لم يتجه الرجال إلى العمل في وظائف أخرى؟ والجواب أن الوظائف الأخرى كانت مرتكزة على الغوص على اللؤلؤ. ولكن التاريخ يعرض انهيار الغوص على اللؤلؤ كما لو كانت مهنة واحدة من عدة مهن. ثم يحتار القارئ أمام الحقائق التي تذكر أن تجار اللؤلؤ الإماراتيين أصبحوا مفلسين؛ لأن المرء قد يتساءل عن مصادر الدخل الأخرى. فالحقيقة هي أن الغوص على اللؤلؤ كان اقتصاداً متكاملاً بحد ذاته، وأول نقطة يجب أن يعلمها الفرد هو أن الغوص على اللؤلؤ كان اقتصاداً وليس مهنةً.


وكان ذلك النظام الاقتصادي يتكون أولاً من المورد الطبيعي وهو اللؤلؤ، إضافة إلى أن لؤلؤ الخليج العربي كان أجود نوع في العالم. ثانياً: كان هناك التجار الذي يشترون اللؤلؤ من التجار المحليين أو النواخذة (قادة السفن) ثم يصدرونه إلى الهند، ثم بريطانيا، ثم إلى الأسواق العالمية. وهناك طاقم سفينة الغوص من غواصين وسيوب وعمال آخرين، وعائلاتهم، وصناع السفن، وهناك أيضاً صيد الأسماك، واستيراد المواد التي يحتاجها السكان مثل المواد الغذائية، والملبوسات، والبضائع الأخرى. إذاً فاللؤلؤ كان لب الاقتصاد وبعد انهياره انهارت كل الأعمدة الاقتصادية التي كانت تتكئ عليه.


والنقطة الأخرى هنا هي: ماذا حدث للفرد عندما حدث الانهيار الاقتصادي؟ طبعاً خسر جميع الرجال وظائفهم، ثم ماذا حدث بعد ذلك؟ كيف تعامل الناس مع الأوضاع بعد ذلك؟ هذا هو الجزء الذي يدوّن عنه التاريخ الكثير. فتدوين التاريخ في الماضي كان كثيراً ما ينحاز إلى الجوانب الاقتصادية العامة، والنواحي السياسية الكبرى، والعلاقات الدولية، ولكن التاريخ كثيراً ما أغفل الإنسان وتجربته وتأثير التغيرات السياسية والاقتصادية عليه. وهنا يأتي دور التاريخ الشفاهي ليسجل ذكريات الناس وحياتهم اليومية، وإحساسهم وشعورهم، وعلاقاتهم الإنسانية، وأشعارهم، ومعاناتهم، ويدونها ويوثقها، وهذه أمور غائبة تماماً عن السجلات التاريخية الرسمية، ومجهولة تماماً على الأجيال الحالية.

  
إن الحياة في مجتمع الإمارات إبان انهيار اقتصاد الغوص على اللؤلؤ هي إحدى المجالات التي يسعى قسم التاريخ الشفاهي في الأرشيف و المكتبة الوطنية للبحث فيها وسبر أغوارها وتعرُّف أبعادها ومعطياتها. وذلك أمر لا يمكن إنجازه بالبحث الأكاديمي فقط، بل بالمقابلات المسجلة التي تستهدف التوصلَ إلى المعارف المحفوظة في ذاكرة آبائنا وأجدادنا، وتوثيقَها لتكون مورداً معرفيًّا للأجيال القادمة.

نموذج تسجيل خبير

نموذج تسجيل خبير

للتسجيل في البرنامج، اضغط على الرابط التالي و قم بتعبئة بياناتك:

رابط نموذج تسجيل خبير

هل لديك أي أسئلة؟ 
إذا كان لديك أي استفسار ، قم بزيارة الأسئلة الشائعة التي تمت الإجابة عنها 
الأسئلة الشائعة  

قائمة التنقل

NaFeedback

إعادة التعيين | إرسال

NaHappiness

إرسال
إرسال